عندما يكتمل مشروع برج "سيكس سينسيز ريزيدنس دبي مارينا" في دبي عام 2028، سيكون المبنى اللامع المؤلف من 122 طابقًا، أطول برج سكني في العالم، ومزود بمرافق اللياقة البدنية والعافية الفاخرة. وسيتمكن السكان من رفع الأثقال أو حضور دروس اليوغا في الهواء الطلق، أو السباحة بمسبح على ارتفاع أكثر من 100 طابق بين السحاب.
ولكن ماذا لو كان العيش في هذا البرج يطيل العمر أيضًا؟ وهذه بالتحديد هي مهمة "طابق إطالة العمر"، وهي ميزة أخرى متاحة للسكان المستقبليين في الوحدات السكنية البالغ عددها 251 وحدة و"قصور سكاي". سيتضمن هذا الطابق الفريد مزايا أكثر تخصصًا مثل العلاج بالصوت الكريستالي، الذي يعتقد ممارسوه أنه يقلل من التوتر ويحس ن النوم. ويمكن لسكان البرج الاستمتاع بعلاجات الضغط العالي، وذلك من خلال استنشاق غاز الأكسجين بنسبة 100% داخل غرفة مضغوطة أظهرت نتائج واعدة لمكافحة الشيخوخة.
ويشرح كيفن كافاكو، وهو مدير التسويق لدى شركة التطوير العقاري "Select Group"، المسؤولة عن تطوير المشروع، أن "الفكرة وراء هذا المشروع هي أنك لا تشتري مسكنًا فحسب، بل تشتري أسلوب حياة". ويضيف: "أنت تشتري فرصة للعمل على ثروتك الحقيقية، التي تتمثل في طول عمرك".
قد تكون إطالة العمر هدفًا نبيلًا، ومثيرًا للشكوك، ولكنه موضوع شائع بين نوادي اللياقة البدنية الفاخرة والأبراج الشاهقة الفخمة الجديدة والمنتجعات الحصرية. ويتزامن هذا الاتجاه مع دراسات علمية جديدة وهوس موازٍ في عالم التكنولوجيا، لكن العلم القابل للإثبات وراء هذه الوعود غالبًا ما يكون غامضًا.
واعتاد المدرب الشخصي الشهير ومصمم الصالات الرياضية، هارلي باستيرناك، على تصميم برامج للمشاهير البارزين بما في ذلك كيم كارداشيان وليدي غاغا. لكنه لاحظ تحولًا خلال السنوات القليلة الماضية، حيث اكتسب "تدفقًا" من عملاء مؤسسي التكنولوجيا. وقال: "جميعهم أصبحوا أكثر اهتمامًا بالشيخوخة، بطريقة لم أرها أبدًا قبل خمس سنوات".
حلم شراء الوقت
ويتفق الخبراء عمومًا على أن تناول الطعام الجيد، والحد من التوتر، وممارسة الرياضة، وإقامة علاقات اجتماعية إيجابية، جميعها أمور قد تؤدي إلى حياة أطول، إلى جانب الامتناع عن عادات مثل التدخين، واستهلاك المشروبات الكحولية. ويبدو أن الأثرياء لديهم فرصة أكبر لتحقيق ذلك، إذ تظهر الدراسات أن الأشخاص في الجانب العلوي من السلم الاجتماعي الاقتصادي لا يعيشون أطول فحسب، بل إنهم يبقون أصحاء لمدة أطول من غيرهم بنحو عقد من الزمان.
ومع ذلك، أصبح السباق لفك شفرة طول العمر منتشرًا في كل مكان، من عقاقير "أوزيمبيك" التي تؤكد قدرتها على إبطاء الشيخوخة، إلى الهواجس الثقافية حول ما يُسمى "المناطق الزرقاء" الجغرافية حيث يُعتقد أن سكانها يعيشون حتى 100 عام بمعدلات غير عادية.
وهناك المستكشف الرائد في مجال التكنولوجيا لطول العمر، برايان جونسون الذي يبلغ 47 عامًا، ويد عي أن نظامه الذي يكلف ملايين الدولارات من الاختبارات والعلاجات المستمرة، بالإضافة إلى نظام غذائي صارم للغاية وجدول تمارين رياضية، قد قلل سنوات من عمره الحقيقي.
ورغم أن أسلوب حياة جونسون متقشف ومكلف بشكل متطر ف، فإن تتبع القياسات الحيوية الشخصية بشكل منهجي، من العناصر الغذائية اليومية إلى جودة النوم، أصبح سائدًا من خلال الأجهزة القابلة للارتداء للعلامات التجارية في مجال التكنولوجيا مثل "آبل" و"Fitbit".
وبالمثل، تقد م برامج اللياقة البدنية والمنتجعات الخاصة لأعضائها اختبارات العلامات الحيوية والجينية للحصول على خطط أكثر تخصيصًا بتكلفة عالية. ولطالما كانت عيادات العافية الفاخرة بما في ذلك "Clinique La Prairie" في سويسرا و "Lanserhof" في النمسا وجهات جذب للمشاهير الذين يتطل عون إلى القيام بذلك أثناء الاستلقاء وسط أجواء جبلية جميلة أو على شاطئ البحر.
السعي لتحقيق أقصى أداء
ويتخذ نادي "Continuum"، الذي يقع في مدينة نيويورك الأمريكية، نهجًا مماثلًا للصحة بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وهذا النادي الاجتماعي والعافية الحصري للغاية، الذي أطلق موقعه الرئيسي في مايو/أيار الماضي وسيبلغ الحد الأقصى لعضويته حوالي 250 عضوًا، يكلف 10 آلاف دولار شهريًا، وتشمل الرسوم فحصًا بيومتريًا، واختبارات الأداء، وتحليل تكوين الجسم، وفحوصات الدم، ودراسة النوم، وفقًا لبيان صحفي، وكل ذلك يتم تقييمه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وستراقب التقنية الخاصة بـ"Continuum" باستمرار البيانات الحيوية للأعضاء وتقد م توصيات مستمرة للتمرين، والتغذية، والتعافي. ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت مثل هذه الأساليب الدقيقة قادرة بالفعل على إبطاء الشيخوخة، وفقًا لتوم وينجرت وهو مسؤول الإيرادات الرئيسي لدى" Continuum".
وأوضح في مكالمة فيديو: "لا يمكنك أن تتحدث عن طول العمر حتى تقوم بتحليل طولي وترى ما الذي ننجزه بعد 30 أو 40 عامًا من الآن. لكن البيانات موجودة، والعلم موجود. كل ذلك مبني على أساس متين". وذكر وينجرت أنه لهذا السبب، فإن السعي إلى العيش لفترة أطول ليس الهدف الأساسي لـ "Continuum"، بل هو "التأثير اللاحق".
وأضاف: "نحن نتطلع إلى تحقيق ما نود أن نفكر فيه كحياة جيدة. وبالطبع، كلما كانت الرعاية التي توليها لنفسك أفضل الآن، أي كيف تتمرن، وكيف تتعافى، وكيف تنام.. سيؤدي ذلك إلى زيادة احتمالات طول العمر. لكننا لا نتعامل مع عدم اليقين بشأن ما سيأتي لاحقًا".
التركيز على التواصل مع الطبيعة
ليس كل سعي إلى طول العمر يتطلب استخدام التكنولوجيا العالية. وفي الوديان القاحلة في مدينة سيدونا بولاية أريزونا الأمريكية، يركز أحد المنتجعات على العودة إلى الطبيعة والذات. وقد خضع منتجع "Mii amo" مؤخرًا لتوسعة بقيمة 40 مليون دولار، وأعيد افتتاحه العام الماضي.
وخلال الإقامات التي تتراوح بين ثلاثة إلى سبعة أيام، يختار الضيوف برامجهم الخاصة وفقًا لاحتياجاتهم، التي يمكن أن تشمل عروض طول العمر المتعلقة بالتغذية، واليقظة، والحركة. وقال المدير العام للمنتجع، كريستيان ديفيز، في مكالمة هاتفية: "يأتي ضيوفنا بحثًا عن تجارب مختلفة تمامًا"، وأوضح أن كل ضيف يُعي ن له مرشدا أثناء إقامته.
ويمكن أن تشمل تجربة اختيار المغامرة الخاصة بك المشي لمسافات طويلة، ومشاهدة النجوم حول الوادي الذي تبلغ مساحته 70 فدانًا، وممارسة اليوغا أو تمارين "البيلاتس"، أو دروس التغذية في الحديقة، أو موازنة طاقة "الشاكرا" في المنتجع الصحي. وأشار ديفيز إلى أن التجربة تعززها "دو امات" الطاقة التي يُعتقد أنها موجودة حول سيدونا، وهي مواقع يُفترض أنها مشحونة بالحديد والكوارتز في الأرض، ما يسهل عملية الشفاء.
كما هو الحال في منتجع "Mii amo"، كانت التأثيرات المفيدة للتواصل البشري أيضًا في صدارة اهتمامات المهندسين المعماريين في مشروع "سيكس سينسيز ريزيدنس"، حيث استكشفوا كيفية تعزيز الشعور الأقوى بالمجتمع عموديًا من خلال 5،667 مترًا مربعًا من وسائل الراحة والمساحات المشتركة.
وفي "البيئة الحضرية الكثيفة" لمنطقة دبي مارينا، يرك ز البرج على وسائل الراحة المفتوحة التي تستخدم التصميم "البيوفيلي"، وهو مفهوم بناء يهدف إلى ربط الناس بالعالم الطبيعي، وفقا للمهندسة المعمارية بريا مرينال من شركة "Woods Bagot". وبينما يواصل أثرياء العالم البحث عن طرق لإطالة أعمارهم، ويستجيب المعماريون والمصممون للنداء، يؤكد باستيرناك، أن الأساسيات المجربة لإطالة العمر متاحة بسهولة لأي شخص عادي.
وقال: "لا تحتاج إلى أن تكون ثريًا لتمشي 10 آلاف خطوة يوميًا، وتتدرب على رفع الأثقال عدة مرات في الأسبوع، وتتناول المزيد من الفاكهة، والخضار، والبروتينات الخالية من الدهون، وتخلذ إلى النوم باكرا. لا يمكن لأي من علاجات إطالة العمر باهظة الثمن أن تقترب من هذه الأساسيات".
تعليقات الزوار | اضف تعليق