تختلف الحكومات حول العالم في هيكلتها الوزارية وفقاً لاحتياجاتها وثقافاتها وظروفها السياسية والاجتماعية، الشيء الذي يجعل من كل واحدة ذات خصائص مختلفة عن الأخرى. لذلك قد نجد بعض الوزارات التي لم تتم سابقا، وطريقة العمل بها فريدة ولا تشبه شيء آخر، لتكون بذلك من بين الوزارات التي تعتبر غير عادية أو فريدة من نوعها.
ولعل وزارة الوحدة في بريطانيا، التي كثر الحديث عنها خلال السنوات الأخيرة، من بين أبرز هذه الوزارات الغريبة والفريدة، والتي لم يسبق لأي دولة أن فكرت فيها أو فكرت في الاهتمام بمثل هذا الأمر من قبل. إذا ما هي أغرب الوزارات الأخرى المتواجدة في العالم؟ وكيف جاءت فكرة إنشائها؟ وما المهام المكلفة بها؟.
وزارة الوحدة في المملكة المتحدة
تأسست وزارة الوحدة في المملكة المتحدة عام 2018 في أعقاب استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) سنة 2016، والذي جلب معه العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وقد جاءت هذه الوزارة بهدف تعزيز الوحدة الوطنية بين الأجزاء المختلفة من المملكة المتحدة وضمان الاستقرار في مرحلة ما بعد البريكست، الذي تسبب في العديد من الانقسامات داخل المملكة المتحدة .
إضافة إلى أنه خلال نفس الفترة، كانت الوحدة قد انتشرت في البلاد بشكل كبير بين المواطنين، وهذا ما أشارت له مجموعة من الأرقام، من بينها أن 34% من السكان يعيشون بشكل فردي، فيما يشعر 9 ملايين شخص بالوحدة، حسب ما أشار له تقرير الصليب الأحمر البريطاني الصادر عام 2017، أي قبل عام من إنطلاق الوزارة بشكل رسمي.
جاء الإعلان الرسمي عن هذه الوزارة سنة 2018 من طرف رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، تيريزا ماي، الذي أشار إلى أن هذه الوزارة الجديدة تهدف إلى تعزيز التماسك الوطني ومعالجة التحديات الناجمة عن البريكست، والتقليل من حدة الوحدة بين الأفراد، وخلق فرص للتواصل الاجتماعي بشكل أكبر. ومن بين أبرز وأهم مهام هذه الوزارة، التي تدخل في خانة أغرب الوزارات في العالم، هي العمل على تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين الأقاليم والمجتمعات المحلية.
ومن بين الأنشطة التي رصدت لها ميزانية كبرى، كانت تنظيم دروس الطبخ ونوادي المشي والمجموعات الفنية، إذ يتم إحالة المرضى الذين يعانون من مشاكل الوحدة من طرف الأطباء، للمشاركة في مثل هذه الأنشطة. كما تعهدت الوزارة، بجانب مجموعة من شركات القطاع العام والخاص، باتخاذ المزيد من الإجراءات لدعم صحة الموظفين وزيادة فرص الرفاهية الاجتماعية لديهم. كما أطلقت الوزارة صندوق التماسك الوطني الذي يهدف إلى تمويل مشاريع تهدف إلى تعزيز التماسك الاجتماعي والاقتصادي في المناطق الأكثر تأثراً بالبريكست، وتشمل المشاريع الممولة تطوير البنية التحتية، ودعم التعليم والتدريب، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال.
وزارة الأبقار في الهند
تعتبر الهند واحدة من الدول التي تحمل ثقافة غنية ومتنوعة، حيث تلعب الأبقار دوراً مركزياً في الديانة الهندوسية والثقافة الهندية بشكل عام. واستجابة لهذه الأهمية الثقافية والدينية، تأسست وزارة الأبقار في الهند في عام 2019 بهدف حماية ورعاية الأبقار وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال استغلال منتجاتها.
وذلك لأنه عبر العصور التي مضت، ارتبطت الأبقار بالممارسات الزراعية والاقتصادية في الهند.، كما كانت هناك تحديات كبيرة تتعلق برعاية وحماية الأبقار، بالإضافة إلى المشاكل المرتبطة بالتهريب و الذبح غير القانوني. لذلك في عام 2019، أعلنت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن تأسيس وزارة جديدة مخصصة للأبقار، وذلك كجزء من جهود الحكومة لتعزيز حماية هذه الحيوانات وتعظيم الاستفادة من مواردها، فيما تم تعيين جيريراج سينغ كأول وزير للأبقار.
وفيما يخص مهام هذه الوزارة، فتتمثل في حماية ورعاية الأبقار من خلال تقديم الرعاية الصحية والغذائية المناسبة لها، بالإضافة إلى توفير ملاجئ خاصة لتلك المتقدمة في العمر. فيما تسعى الوزارة إلى تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال استغلال منتجات الأبقار مثل الحليب، والجبن، والسمن، والسماد الطبيعي، إضافة إلى المشاريع الزراعية التي تعتمد على الأبقار وتساعد في تحسين تقنيات الإنتاج.
أغرب الوزارات.. وزارة المراحيض في اليابان
تعتبر اليابان واحدة من الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا والابتكار، وهذا يشمل حتى المجالات التي قد تبدو غير تقليدية مثل المراحيض. إذ تأسست وزارة المراحيض في اليابان كجزء من وزارة الصحة والعمل والرفاهية، وذلك بهدف تحسين مرافق الصرف الصحي والمراحيض العامة، الشيء الذي يعزز من جودة الحياة والنظافة العامة. وكان السبب وراء إنشاء هذه الوزارة، هو أهمية النظافة والصرف الصحي، التي تعد جزءا من الثقافة اليابانية، ومع تقدم التكنولوجيا، أصبح هناك تركيز أكبر على تحسين مرافق المراحيض وجعلها أكثر تطوراً وكفاءة. إذ أنه في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أعلنت الحكومة اليابانية عن تأسيس وزارة مخصصة لتحسين مرافق الصرف الصحي والمراحيض العامة.
جاء هذا الإعلان استجابة للحاجة المتزايدة إلى تطوير مرافق عامة نظيفة ومتطورة، خاصة مع تزايد عدد السياح الذين يزورون اليابان سنوياً. وتعمل الوزارة على تحسين جودة المراحيض العامة في جميع أنحاء اليابان، من خلال تبني تقنيات متطورة وتصميمات حديثة تضمن النظافة والراحة للمستخدمين.
كما تسعى إلى تعزيز الصحة العامة من خلال توفير مرافق صحية متقدمة تمنع انتشار الأمراض وتضمن بيئة صحية ونظيفة. ومن بين أهم المشاريع التي تعمل عليه هذه الوزارة، هي تشجيع الأفكار والابتكار في المتعلق بمجال تقنيات المراحيض، بما في ذلك تطوير مراحيض ذكية مجهزة بتقنيات متقدمة مثل التسخين التلقائي للمقاعد، وتنظيف الأجزاء الحساسة بالماء، وإزالة الروائح. فيما أطلقت الوزارة مشروع المراحيض الذكية الذي يهدف إلى تركيب مراحيض متطورة في الأماكن العامة مثل الحدائق والمطارات ومحطات القطار. وهي مجهزة بتقنيات حديثة تضمن الراحة والنظافة للمستخدمين.
وزارة الحبوب في الصين
تعتبر وزارة الحبوب في الصين واحدة من الوزارات الرئيسية التي تلعب دوراً حيوياً في ضمان الأمن الغذائي في أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم. إذ تلعب هذه الوزارة، التي تعتبر من بين أغرب الوزارات، دور إدارة إنتاج وتوزيع الحبوب، فيما تسعى إلى تحقيق الاستقرار الغذائي وتعزيز التنمية الزراعية في البلاد. وتأسست وزارة الحبوب في الصين كجزء من جهود الحكومة لتنظيم وإدارة إنتاج وتوزيع الحبوب بشكل فعال، إذ يعود تاريخها إلى فترات تاريخية طويلة حيث كانت إدارة الموارد الغذائية دائماً أولوية في الصين، نظراً للاحتياجات الضخمة لسكانها المتزايدين. لكن في عام 1949، أي بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تم تشكيل وزارة الحبوب كجزء من وزارة الزراعة، ومنذ ذلك الحين، تعمل على تنظيم إنتاج وتوزيع الحبوب لضمان تلبية الاحتياجات الغذائية للسكان، والحفاظ على استقرار الأسعار.
كما تعمل الوزارة على دعم التنمية الزراعية من خلال تقديم الدعم المالي والتقني للمزارعين، وتعزيز الابتكار في الزراعة، وتحسين تقنيات الإنتاج. إضافة إلى مسؤولية إدارة احتياطيات الحبوب الاستراتيجية للبلاد، والتي تستخدم لمواجهة أي طوارئ غذائية أو تقلبات في السوق.
دون نسيان دورها في تعزيز التجارة الزراعية مع الدول الأخرى، من خلال تصدير الفائض من الحبوب واستيراد الأنواع التي تحتاجها السوق المحلية. ومن بين الأنشطة التي عملت عليها الوزارة، هي تقديم التدريب للمزارعين على استخدام الأساليب الزراعية الحديثة وتوفير المعدات الزراعية المتطورة. ثم بناء وتحسين مرافق التخزين للحبوب في مختلف أنحاء البلاد، لضمان الحفاظ على جودة الحبوب وتوفيرها بشكل مستمر على مدار العام.
تعليقات الزوار | اضف تعليق