يبدو ان مسرحية "مدرسة المشاغبين" تحولت الى حقيقة وواقع فعلي! فقد نجحت معلمة التربية الفنية بمدرسة الآباء الابتدائية في الديوانية، فاطمة أمين، بتهذيب وتقويم سلوك الطلاب وابعادهم عن العنف والتمرد والاهتمام بكشف مواهبهم الابداعية وكسبت المعلمة فاطمة ثقة طلابها "المشاغبين" وشجعتهم وطورت قدراتهم الفنية. أمين تبعد تلاميذ الأحياء الفقيرة "المشاكسين" في الديوانية عن السقوط بفخ "اسبارطة " وتحولهم لمشاريع واعدة.
ولم تتصور فاطمة أن تسفر جهودها في "تهذيب" سلوك التلاميذ الذين قدم جلهم من مناطق شعبية فقيرة، واستثمار طاقاتهم "الإبداعية"، عن تحويلهم إلى مشاريع "فنية واعدة"، وجعلهم ينبذون العديد من السلوكيات التي تطبعوا بها من عنف ومشاكسة وغيرها نتيجة تركهم في الشارع بعيداً عن رقابة الأهل.
وتقول المعلمة فاطمة أمين إن "بيئة الطفل ترتبط بنحو وثيق بالشغب والمشاكسة، في المناطق الشعبية والفقيرة، حيث يترك الأهل أطفالهم للشارع على غرار ما كان يفعله اليونانيون في مملكة اسبارطة"، وتشير إلى أن "أهالي تلك المناطق يرون أن ذلك يمنح أطفالهم القوة والصلابة اللازمة لمواجهة أعباء الحياة وتحدياتها، من دون التنبه إلى الناحية السلبية على نفسيتهم وسلوكهم".
"مدرسة المشاغبين" المصرية
وتضيف أمين، أن "المدارس في المناطق الفقيرة تعج بعشرات الأطفال المشاكسين والمشاغبين، وقد لاحظت في العام 2010، سلوكاً مريبا عند البعض منهم الأمر الذي استدعى معالجات خاصة لتقويم سلوكهم"، وتبين أن "الدراسة التي وضعت حينها ركزت على الاهتمام باكتشاف مواهب الأطفال وتنمية طاقاتهم سواء كانت خربشات على الجدران والرحلات والدفاتر والكتب المدرسية، أو قدرات تمثيلية وغيرها، وتشجعهم على تطويرها بعد تأمين المستلزمات المطلوبة لذلك انسجاماً مع الدور التربوي للمعلم والمدرسة".
وتذكر معلمة التربية الفنية، أن "المرحلة الأولى والأصعب في الخطة تمثلت بكسب ثقة التلاميذ والتغلب على روح التمرد والمشاكسة لديهم وتحويلها إلى مسارات بناءة، من خلال تشجيعهم على ممارسة مختلف أنواع الفنون بحسب هواياتهم، للتنفيس عن طاقاتهم، سواء بالرسم أم الأعمال المسرحية، لبناء شخصية إيجابية منتجة تتحدى البيئة وترفض ممارساتها السلبية".
من جانبه يقول مدير مدرسة الآباء الابتدائية، مزهر جبر حسن، في حديث إلى (المدى برس)، إن "نسبة التلاميذ المشاكسين في المدرسة كانت كبيرة كما أن مستوياتهم العلمية كانت متدنية، برغم أن مستوياتهم الفكرية والعقلية جيدة في الغالب، نتيجة الافتقار للرعاية الأسرية اللازمة"، ويؤكد حسن أن "البرنامج الذي طبق لاحتضان أولئك التلاميذ المشاكسين أفلح في تحويل طاقاتهم إلى جوانب إبداعية كانت كامنة في أعماقهم". ويدعو حسن، إلى "الاستفادة من البرنامج الريادي الذي طبق في المدرسة ودعمه ليكون نواة من شأنها انتشال مثل أولئك الأطفال الأبرياء ليكونوا مشاريع تسهم في بناء الوطن وإعلاء شأنه".
بدوره يقول تلميذ الصف الثالث بالمدرسة، محمد حسام، إن "درسي الرياضة والرسم هما المفضلان لدي حيث كنت متفوقاً فيهما". ويضيف أن "معلمتي الست فاطمة وفرت لي الأوراق والألوان الخاصة بالرسم وشجعتني على تحويل ما كنت اخطه على الجدران والرحلات إلى لوحات كانت مثار اعجاب أقراني وباقي المعلمين، مما جعلني وباقي زملائي نكف عن الممارسات السابقة التي كنا نقوم بها من عراك وتخريب وغيرها مما تعلمناه في الشارع". ويعرب حسام، عن أمله بأن "يصبح فنانا كبيرا وتعرض لوحاته في المعارض وسط اعجاب الجمهور"، ويستدرك "لكن ذلك يتطلب الكثير من الجهود والوقت والرعاية". بتصرف عن مدى برس.