لكل شخص موقفه في القضايا والمسائل المختلفة، والناس مواقف، وهذا أمر لا جدال فيه ولا خلاف عليه. لكن لمن درس الصحافة وعمل في المهنة فلا بد انه تعلم في الدرس الأول ان لا حق للصحفي ان يعبر عن موقفه من خلال قيامه بنقل الخبر. فهنالك وسيلة أخرى يستطيع الصحفي من خلالها التعبير عن رأيه وموقفه وهي كتابة مقالة موقعة باسمه وليس في خبر.
فالخبر هو عملية نقل وقائع يلتزم فيها الصحفي بالحياد، ويحظر فيها على المراسل الناقل للخبر الانحياز او التعبير عن موقفه الشخصي من الحدث، وكم من فضيحة تعرض لها صحافيون في دول تحترم مهنة الصحافة عندما انزلقوا عبروا عن موقفهم من خلال نقل حدث، او انهم ظهروا كأنهم مستشارين لطرف معين ومحرضين على طرف آخر.
وأذكر حين قام احد مراسلي التلفزيون الاسرائيلي اثناء الحرب الأخيرة على غزة بنقل الوقائع من تحت القصف حين ذكر عبارة "اننا يجب ندخل بهم بكل ما لدينا من قوة" وكان يقصد ان على الجيش الاسرائيلي ان يضرب الفلسطينيين بقوة، وقد انهالت عليه الانتقادات من كل حدب وصوب حتى اضطر اخيرا للاعتذار تحت ضغوط هائلة تعرض لها.
ولا ابالغ في القول انني شعرت بقشعريرة واشمئزاز عندما سمعت بأن بعض الصحفيين المصريين كانوا يهتفون داخل قاعة المحكمة "الاعدام لمرسي" اثناء جلسة المحاكمة الاولى الاسبوع الماضي.. لقد اصبت بالذهول!! وتساءلت أي صحافيون انتم؟! ورحت اقارن حال الصحفيين في بلادنا العربية والصحفيين في بلاد الغرب وارسم لنفسي مشهدا يهتف فيه الصحافيون في الغرب وفي امريكا باعدام رئيسهم ليس في مظاهرة، بل اثناء سير جلسة المحكمة! أي جنون هذا؟!
وتساءلت هل وصل الانقسام في خضم الاحداث بمصر الى حالة جعلت الانسان الواعي والمدرك فيها ينسى نفسه؟! هل وصل الحال بهذه النخبة التي ينتظر منها ان تصم م الرأي العام العقلاني والمتعقل الى الجنون؟ واذا كان الصحفي يهتف بهذا الحماس من اجل الاعدام والقتل فمن ذا الذي يلوم رجل الشارع والانسان البسيط عما اقترفت يداه من عبث وضرب وتخريب وايذاء وتدمير؟ لقد نسي هؤلاء الصحفيون ان الصحافة مرآة المجتمع لا بل انهم حطموا هذه المرآة ومزقوا بفعلتهم هذه نسيج المجتمع. عار على الصحفي ان ينجر وراء جنون الشارع ويمارس صحافة الجنون بدل ان يسعى للجم هذه المظاهر!
imagebank – AFP