لم تقم الحرب العالمية الثالثة، ولكن ها تداعيات عاصفة "اليكسا": أزمة سياسية لبنانية واتهامات بالفساد. تحويل مسؤولين أردنيين الى القضاء بسبب التقصير. غضب في إسرائيل. قهر صامت في الضفة الغربية. مأساة مضاعفة في غزة تضيع المحاسبة فيها بين اتهامات للجهاز الإداري وللحصار الجائر.ولم تكن قناة فضائية أردنية تعرف أنها ستسجل على الهواء مشهد وفاة طفلة اختناقاً، مع أن الهدف كان استعراض كفاءة فرق الانقاذ.
الغضب والحزن عم البلاد، ليس على ما شاهدوه مباشرة فحسب، بل على كل أساليب إدارة الأزمة الثلجية، فما سم ي بعاصفة "أليكسا" كشف عيوباً حتى قبل ذوبان الثلوج.المشهد نفسه تكرر في اسرائيل، ولكن الطفل العربي الذي مات اختناقاً لم يحظ بفرصة نقل وفاته على الهواء مباشرة، وفي مصر طغى الثلج الذي وصل لأول مرة منذ قرون على حرارة السياسة، فأخباره باتت مادة للنكات أوقفت المظاهرات والمسيرات والاشتباكات، وحتى السعودية التي يفترض أن أموالها أمنت لها بنية تحتية ممتازة شهدت كوارث حقيقية.
الكل ، هنا وهناك، يتحدث عن الفساد الذي أوصل الى تلك المشاهد، فليس هناك من متابعة للعطاءات العامة، ولا من مساءلات ومحاسبات، وتقوم إدارات الأزمات على الارتجالية وعدم الجاهزية، والى ذلك فتبادل الاتهامات بين الأجهزة الرسمية هو العنوان في كل الدول التي تعرضت للعاصفة، مم ا يضي ع الدماء بين القبائل.
ومع مشاهد الحزن والغضب من التقصير كان ينبغي للأمر أن يشكل نقطة فرح، فهذه الدول هي الأكثر معاناة من شح المياه في العالم، وما أتت به العاصفة "أليكسا" جدير بتغيير الواقع على المدى القصير على الاقل، ولكن المواطنين كانوا يتابعون الأمطار والثلوج الغزيرة دون أن تصل المياه الى صنابير بيوتهم، في مفارقة لا يمكن فهمها وتفسيرها إلا بسوء الإدارة.وأكثر من ذلك، فكل هذه الدول تعلن منذ سنوات أنها تقوم بسياسات إصلاحية اقتصادية وإدارية، ولكنها مع اول تجربة تُثبت أن شيئاً لا يتغير على أرض الواقع، بل في عناوين الصحف فحسب، وفي كثير من الاحوال تبدو الأمور وقد تراجعت الى الوراء.
قُلنا إن الحرب العالمية الثالثة لم تقع، ولكنها تداعيات عاصفة ثلجية عادية تمر في بلاد أخرى بسلاسة، فماذا لو قامت حرب فعلاً؟ وماذا لو أتت كارثة طبيعية حقيقية؟ تساؤلات كثيرة تجوب في ذهن المواطن العربي الذي تذهب موازنات دوله في أغلبها إلى التسليح والقطاع العام وأجهزته وموظفيه، وحين تأتي التجربة الحقيقية يكون الفشل هو العنوان؟!
بقلم: باسم سكجها، نقلا عن ال سي ان ان