هي قصة مجازية تحمل الكثير من المعاني وربما تعكس حال بعض شعوب المنطقة وما يحدث فيها، اما شخصيات القصة فلك ان تعرفها بنفسك من خلال أدوارها.. كانت هناك دجاجة "القاضي" وايضاً المجني عليه دائماً وهي "حبة القمح".. اشتكى بعض الغربان إلى القاضي بأن حبة القمح تخالف القواعد العامة للمزرعة وأن الغربان كلما هموا باخذ قضمة ولو صغيرة من جسد حبة القمح الناعم المذهب رفضت الحبة ذلك وطالبتهم بحرية العيش كحبة قمح لها أهدافها في الحياة وحلمها في أن تكون يوما ما حبة قمح منتجة للسنابل تتمايل مع نسمات هواء المزرعة العليل.
هنا وقف القاضي الدجاجة في حيرة من أمره وسأل نفسه كيف من الممكن حل هذه المعضلة الفريدة من نوعها في تاريخ المزرعة الهادئة.. يجب التوصل الى حل جذري وقتل هذا التمرد الخارج عن المألوف فكيف لحبة.. نعم حبة قمح صغيرة أن تتطاول على أسيادها الغربان.. تباً للحياة في هذه المزرعة البائسة.. بالأمس كنا نمد السنابل بـ (الخزوق) والسماد العضوي والآن نرى أحفاد السنابل ينقلبون علينا. هنا دخل القاضي الدجاجة في صراع عنيف مع نفسه وبدأ الطمع يدغدغ مخيلته القاصرة وهو يرى حبة القمح تتمايل بجسدها الممشوق الناعم وهي تشتكي وتنوح بعد أن اعياها البكاء وصرخات الغربان التي لا تنفك تتطالب بإصدار الحكم لصالحها وقتل هذا التمرد الشنيع والخارج عن القواعد العامة للمزرعة.
ومن ثم تساءل القاضي عن ماهية هذه المطالب التافهة والشعارات الواهية.. حرية العيش.. تحقيق أهداف في الحياة.. وما إلى ذلك من هذا (الهراء) وقال معلقاً: هل نحن الآن في ملعب كرة قدم كي نتكلم عن تحقيق الأهداف!! وبدأ القاضي الدجاجة يتخيل طعم حبة القمح الناضجة الكاملة وفكر وهو يبلع لعابه كيف يستطيع أن ينهي هذه المهزلة وينفرد بحبة القمح فيلتهمها هو وحده..! فلا هو قادر على إصدار حكم عادل ولا هو قادر ايضاً على مقاومة رغبته الجامحة في التهام حبة القمح.
ها هو القاضي يتخذ قراره بموافقة الغربان والحكم يقضي بإنهاء الفتنة التي جاءت بها هذه الحبة وقطعها من جذورها بأن يقوم القاضي بالتهام حبة القمح بمفرده… ويقفز الغربان يهللون ويطبلون، يعيش القاضي تعيش العدالة. بعدها يهم القاضي الدجاجة بالتهام حبة القمح الجميلة المسكينة ولكن ما إن يلتهمها حتى يبدأ لون وجهه يتغير!!! لماذا..؟ إن حبة القمح أكبر من أن يستطيع القاضي التهامها فإذا هي تستقر في حلق القاضي وتصيبه بالاختناق وبهذا يحكم القاضي على نفسه بالإعدام.