مع تدهور الوضع على مختلف الجبهات ما بين عامي 1942 و1943، اتجهت ألمانيا لإنتاج ما يعرف بالأسلحة العجيبة، الملقبة فوندرفافه (Wunderwaffe)، أملاً في قلب موازين الحرب. وقد مثلت الفوندرفافه نوعاً من الأسلحة الخارقة والسابقة لأوانها التي قرر الألمان الاعتماد عليها أملاً في قلب موازين الحرب لصالحهم. وإضافة للصاروخ الباليستي، الأول بالتاريخ، فاو 2 (V-2) والقنبلة الطائرة فاو 1 (V-1) والقنبلة الموجهة فريتز أكس (Fritz X)، وضع الألمان خطة لقصف الولايات المتحدة الأميركية اعتماداً على نوع من قاذفات القنابل، عرفت بسيلبرفوغل (Silbervogel) أي الطائر الفضي، التي مهدت الطريق لظهور الأسلحة فرط الصوتية.
استبعاد سيلبرفوغل
أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، وضع عالم الفيزياء النمساوي، وعضو فرق الأس أس الألمانية، يوجين سانجير (Eugen S?nger) وعالمة الفيزياء والرياضيات الألمانية إرين بريدت (Irene Bredt) تصاميم لإنتاج قاذفة قنابل شبه مدارية تعمل بالوقود السائل وقادرة على بلوغ سرعة خيالية لشن هجمات خاطفة وسريعة على مواقع العدو. في البداية، تم تجاهل تصاميم قاذفة القنابل سيلبرفوغل التي وصفت بالغريبة، حيث اتجه الألمان حينها لتركيز إمكانياتهم على صناعة الدبابات والطائرات الحربية العادية في الفترة الأولى من الحرب العالمية الثانية.
ومع بداية اعتماد نظام الأسلحة العجيبة، فوندرفافه، وبروز خطط قصف الولايات المتحدة انطلاقاً من الأراضي الألمانية، عادت تصاميم قاذفة القنابل سيلبرفوغل للواجهة مرة أخرى. حيث وصف قادة الجيش الألماني والعلماء المسؤولون على الفوندرفافه قاذفة القنابل سيلبرفوغل بغير الواقعية والمكلفة واتجهوا في المقابل للتركيز على تصاميم قاذفات قنابل أخرى من نوع ميسرشميت مي 264 (Messerschmitt Me 264) وجونكرز جو 390 (Junkers Ju 390).
سرعة فائقة وأولى تصاميم الأسلحة فرط الصوتية
تضمن تصميم سيلبرفوغل تقنيات صاروخية سابقة لأوانها ومبدأ الجسم الرافع الذي اعتمد لاحقاً لإنتاج المركبات الفضائية المجنحة بالستينيات والمكوك الفضائي بالسبعينيات. وحسب التوقعات، كان من المقرر أن تحلق قاذفة القنابل شبه المدارية سيلبرفوغل لمسافات بعيدة اعتماداً على سلسلة من القفزات القصيرة. فبعد أن تدفع اعتماداً على سكة حديدية قصيرة، مثل القنبلة الطائرة فاو 1، يتراوح طولها بين 2 و3 كيلومترات، تقوم سيلبرفوغل بتفعيل محركها الصاروخي لتبلغ ارتفاع 145 كلم لتتجاوز بذلك خط كارمان وتدخل الفضاء الخارجي.
وهنالك، كان من المقرر أن تسافر سيلبرفوغل بسرعة 21800 كلم بالساعة قبل أن تنزل فيما بعد تدريجياً نحو الستراتوسفير. حيث ستولد كثافة الهواء المتزايدة قوة رفع ضد الجانب السفلي المسطح لقاذفة القنابل الألمانية مما سيتسبب في ارتفاعها مجدداً. وانطلاقا من هذا المبدأ، كان من المقرر أن تعبر سيلبرفوغل المحيط الأطلسي بسرعة فائقة قبل أن تمر فوق الولايات المتحدة لتلقي عليها قنبلة يبلغ وزنها 4 آلاف كلغ. ثم ستواصل هذه الطائرة الألمانية رحلتها لتبلغ المحيط الهادئ وتنزل بمكان خاضع لسلطة الإمبراطورية اليابانية حليفة الألمان.
فيما وصفت تصاميم سيلبرفوغل بفضل هذه السرعة الفائقة، بأولى تصاميم الأسلحة الفرط صوتية. وعلى الرغم من عدم إنتاجها وعدم تجاوزها لمرحلة التصاميم، اتجه كثير من الفيزيائيين للتدقيق بتصاميم سيلبرفوغل وتحدثوا عن بعض الأخطاء الحسابية التي ارتكبها المصممان سانجير وبريدت، مؤكدين أن الطائرة الألمانية ستحترق عند عودتها للغلاف الجوي بسبب تدفق الحرارة الذي كان سيكون أكبر بكثير من المتوقع. ولتجاوز هذه الأزمة، اقترح عدد من الفيزيائيين زيادة سمك درع الحرارة بسيلبرفوغل لجعلها أكثر واقعية.
تعليقات الزوار | اضف تعليق