خلال العام 1880، تابع الأميركيون عن كثب وقائع الحملات الانتخابية التي قادها الحزبان الجمهوري والديمقراطي استعدادا للانتخابات الرئاسية التي جرت مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر من ذات العام. وبتلك الفترة، رش ح الجمهوريون المحامي والجنرال السابق بالحرب الأهلية جيمس غارفيلد (James A. Garfield) بينما رش ح الديمقراطيون الجنرال وينفيلد سكوت هانكوك (Winfield Scott Hancock) الذي شارك بالحرب الأميركية المكسيكية والحرب الأهلية لجانب قوات الاتحاد. وبهذه الانتخابات الرئاسية الرابعة والعشرين بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، تبادل الجمهوريون والديمقراطيون الاتهامات حول مسائل مختلفة، وفي الأثناء، جاءت قضية الهجرة لتضرب الحملة الرئاسية لغارفيلد وتتحول لفضيحة كادت أن تطيح به.
أزمة الهجرة الصينية
خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، جاءت قضية هجرة الصينيين لتشكل أزمة بالولايات المتحدة الأميركية. فخلال عقد واحد، حل بالولايات المتحدة الأميركية ما يزيد عن 120 ألف مهاجر صيني للعمل بمجالات عديدة كتشييد خطوط السكك الحديدية. ومن جهة ثانية، وافق المهاجرون الصينيون على العمل ضمن ظروف قاسية حيث عمل هؤلاء المهاجرون لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة. وبسبب ذلك، اتجهت المؤسسات الأميركية لتشغيل الصينيين على حساب الأميركيين.
وبالولايات الغربية الأميركية، جاءت قضية المهاجرين الصينيين لتثير حساسية كبيرة حيث طالب سكان هذه الولايات بطرد الصينيين من البلاد. وأمام هذا الوضع، اتجه الديمقراطيون للحديث عن ضرورة وضع حد لهجرة الصينيين. ومن جهته، فضل المرشح الجمهوري جيمس غارفيلد اعتماد موقف حذر تجاه موجة الهجرة الصينية. وبدلا من طردهم، اقترح غارفيلد عقد مفاوضات مع الصين حول مسألة الهجرة وحث الكونجرس على اعتماد سياسة جديدة بهدف وضع ضوابط للهجرة الصينية حسب ما يحدده القانون مؤكدا على ضرورة احترام حقوق العمال والحفاظ على السلم بين مختلف أطياف المجتمع الأميركي.
رسالة موري
وقبل 12 يوما فقط من الانتخابات الأميركية، ظهرت بالولايات المتحدة الأميركية رسالة زعم البعض أنها حررت من طرف جيمس غارفيلد، وبهذه الرسالة التي كتبها المرشح الجمهوري للسياسي ورجل الأعمال هنري لي موري (Henry Lee Morey)، تحدث غارفيلد عن حق المؤسسات الأميركية في شراء العمالة التي يمكنهم الحصول عليها بأرخص الأسعار، وبالتالي، تحدث غارفيلد بشكل غير مباشر عن أهمية الهجرة الصينية غير المقيدة وفوائدها للاقتصاد الأميركي. مع حصولهم على هذه الرسالة، أقدم الديمقراطيون على طباعة 500 ألف نسخة منها ووزعوها بمختلف أرجاء الولايات الأميركية. فضلا عن ذلك، رك ز الديمقراطيون في حملتهم هذه على الولايات المتأرجحة واتجهوا بالأساس نحو ولاية كاليفورنيا. وبهذه الولاية الغربية التي اكتظت بالمهاجرين الصينيين، لقبت هذه الرسالة بـ"إعلان وفاة غارفيلد".
إلى ذلك، جاء رد الجمهوريين وغارفيلد متأخرا. فقبل أيام من الانتخابات، وصف المرشح الجمهوري الرسالة بالمفبركة والمزورة نافيا وقوفه وراءها. خلال الانتخابات الرئاسية للعام 1880، حقق غارفيلد فورزا صعبا. فبالتصويت الشعبي، فاز الأخير بفارق 0.1 بالمائة. وعلى الرغم من خسارته لكاليفورنيا، حصد غارفيلد 214 صوتا بالمجمع الانتخابي مقابل 155 لمنافسه.
تعليقات الزوار | اضف تعليق