صباح يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941، هاجمت طائرات سلاح البحرية الإمبراطورية اليابانية، بشكل مباغت، قاعدة بيرل هاربر (Pearl Harbor) الأميركية الواقعة بجزر هاواي بعرض المحيط الهادئ. وخلال هذا الهجوم، فقد الأميركيون عددا هاما من سفنهم الحربية وطائراتهم. فضلا عن ذلك، قتل حوالي ألفي جندي أميركي تحت وطأة القصف الياباني الذي خلف دمارا كبيرا بقاعدة بيرل هاربر. وباليوم التالي، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في إعلان الحرب على اليابان مؤكدة بذلك بداية تدخلها بالحرب العالمية الثانية.
وقبل هجوم بيرل هاربر، شهدت المنطقة حالة من التوتر أسفرت عن تدهور العلاقات بين واشنطن وطوكيو. وأملا في تجنب المواجهة، أرسل وزير الخارجية الأميركي كورديل هول (Cordell Hull) مذكرة لليابانيين، لقبت بآخر محاولة للتسوية، تكونت من عدد من النقاط الرئيسية التي هدفت لنزع فتيل التوتر.
تصاعد حدة التوتر
منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عارضت الولايات المتحدة الأميركية بشدة تدخل اليابان بمنشوريا واجتياحها للأراضي الصينية منذ العام 1937 ضمن الحرب الصينية اليابانية الثانية التي اندلعت عقب حادثة جسر ماركو بولو. وكرد على ذلك، اتجهت واشنطن لمساعدة القوميين الصينيين في مواجهتهم للتدخل الياباني كما ناقشت فرض عقوبات على اليابان.
وخلال شهر تموز/يوليو 1941، احتل اليابانيون القسم الجنوبي من الهند الصينية الفرنسية كما عمدوا لنقل طائراتهم الحربية نحو مناطق بكمبوديا وسايغون (Saigon) جاعلين بذلك عددا من المستعمرات البريطانية بالمنطقة بمرمى نيرانهم. وكرد على هذه الخطوة اليابانية، تحركت الولايات المتحدة الأميركية لتفرض حظرا على المحروقات، وعدد من السلع الأخرى، التي صدرتها لليابان واستخدمت أساسا بالمجال العسكري. إلى ذلك، جاءت هذه العقوبات الأميركية لتشل الاقتصاد والصناعة اليابانية حيث مثل اليابان حينها أرخبيلا مكتظا بالسكان وفقيرا من حيث الموارد الطبيعية وهو ما جعل طوكيو تعتمد بشكل كبير على الواردات الأميركية لتغطية حاجياتها الطاقية.
مذكرة هول
خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1941، بلور اليابانيون اتفاقيتين تم عرضهما على الأميركيين لتجاوز الخلافات وإعادة العلاقات. وبهاذين الاتفاقين، تحدثت اليابان عن سحب جزئي لقواتها من الصين وخروج قواتها من جنوب الهند الصينية الفرنسية في حال توقف الأميركيين عن دعم قوميي الصين كما أكد اليابانيون عن استعدادهم لعدم إرسال مزيد من الجنود نحو جنوب شرق آسيا في حال موافقة الأميركيين على تزويدهم بحاجياتهم من النفط. إلى ذلك، رفض الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت المقترحات اليابانية بعد حصوله على معلومات تفيد بتواصل نقل اليابان لمزيد من القوات نحو الهند الصينية واستعدادها للتدخل عسكريا ضد تايلند.
بمحاولة أخيرة لتجنب أي تصعيد بين الطرفين، أرسل وزير الخارجية الأميركي كورديل هول، بطلب من الرئيس روزفلت، مذكرة، تضمنت جزأين، لليابانيين يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1941. وبالجزء الأول، الذي تضمن 9 نقاط، من المذكرة، حث كورديل هول اليابانيين على احترام سيادة الدول الأخرى واستقلالها وعدم التدخل بشؤونها كما دعا لاحترام مبادئ المساواة والعدالة بالعلاقات التجارية بين الدول وتجنب التمييز بينها. أيضا، دعا هول لحماية مصالح الشعوب المستهلكة فيما يتعلق بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
وبالجزء الثاني الذي تكون من 10 نقاط، دعا هول لإبرام اتفاقيات عدم اعتداء بين اليابان والولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفيتي وتايلند والصين وهولندا وبريطانيا. أيضا، طالب وزير الخارجية الأميركي بسحب جميع القوات اليابانية من الصين والهند الصينية الفرنسية مؤكدا أن بلاده ستقوم بتوفير الدعم فقط للحكومة الصينية الشرعية وأنها ستتخلى، هي واليابان، عن كافة مصالحهما بالصين. وعلى الصعيد الاقتصادي، دعا هول اليابانيين لدخول مفاوضات جادة ومباشرة حول التجارة المشتركة بين البلدين تزامنا مع إنهاء سياسة تجميد الأصول اليابانية بالولايات المتحدة الأميركية والأصول الأميركية باليابان. أيضا، تحدث وزير الخارجية الأميركي بهذا الجزء الثاني عن أهمية ضبط سعر الدولار مقابل الين للحفاظ على السوق التجاري بين واشنطن وطوكيو.
سلم الأميركيون مذكرة هول للسفير الياباني بواشنطن الذي قدمها بدوره لرئيس الوزراء الياباني هيداكي توجو (Hideki Tojo). وأثناء اجتماعه بأفراد حكومته ومسؤولي البحرية، وصف توجو مذكرة هول بالتحذير الأخير المقدم من قبل الأميركيين لليابانيين. إلى ذلك، كانت مذكرة هول آخر محاولة لتسوية الخلاف الأميركي الياباني. فيوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941، هاجم اليابانيون قاعدة بيرل هاربر متسببين بذلك في توسع الصراع العالمي نحو المحيط الهادئ.
تعليقات الزوار | اضف تعليق