يوم 1 سبتمبر 1939، باشرت القوات الألمانية تدخلها بالأراضي البولندية معلنة بذلك بداية الحرب العالمية الثانية. وقد استمرت هذه الحرب لنحو ست سنوات وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 60 مليون شخص سقط جلهم بكل من الاتحاد السوفيتي والصين. من جهة ثانية، واجه الاقتصاد العالمي حالة من الانهيار بسبب ذلك. فبمجرد بداية تعافيه من أزمة الثلاثينيات، واجه الاقتصاد العالمي ويلات الحرب العالمية الثانية التي اتجهت خلالها الدول المتحاربة نحو اعتماد اقتصاد الحرب. ومع قرب نهاية الصراع العالمي وهزيمة دول المحور، حاول الحلفاء تهيئة المناخ الملائم لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي ما بعد الحرب. وانطلاقا من ذلك، توجه ممثلو عشرات الدول خلال يوليو 1944 نحو ولاية نيوهامبشير (New Hampshire) الأميركية للتفاوض حول هذا الأمر.
اعتماد نظام بريتون وودز
على الرغم من تواصل المعارك على جبهتي أوروبا والمحيط الهادئ، اجتمع ممثلو 44 دولة، تواجد ضمنها أساسا الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا الغربية وكندا وأستراليا وعدد من الدول الأخرى، ما بين يومي 1 و22 يوليو 1944 بفندق ماونت واشنطن بمنطقة بريتون وودز (Bretton Woods) بولاية نيوهامبشير الأميركية بهدف إعادة بناء النظام الاقتصادي الدولي الذي تضرر بشكل كبير من ويلات الحرب العالمية الثانية. وباليوم الأخير من المفاوضات، وقع المجتمعون على اتفاقية بريتون وودز التي أنشأت برنامجا من القواعد والمؤسسات لتهيئة وتقنين نظام النقد الدولي تزامنا مع إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير. من جهة ثانية، أصرت الولايات المتحدة الأميركية، التي استحوذت حينها على ثلثي ذهب العالم، على أن يرتكز نظام بريتون وودز على الذهب والدولار الأميركي.
وفي الأثناء، حضر ممثلو الاتحاد السوفيتي المؤتمر إلا أنهم رفضوا المصادقة على البيان النهائي متهمين المؤسسات التي أنشأها مؤتمر بريتون وودز بأنها امتداد لبورصة وول ستريت. أيضا، اتهم السوفييت الأميركيين خلال المؤتمر بمحاولة الهيمنة على الاقتصاد العالمي. إلى ذلك، حققت اتفاقية بريتون وودز نجاحات سريعة حال بداية المنظمات التي تم إنشاؤها العمل سنة 1945. ويعود السبب في ذلك للظروف التي خلفتها الحرب العالمية الثانية وانخفاض حركة رأس المال الدولي والتنظيم المالي الصارم والموقع الاقتصادي والمالي المهمين للولايات المتحدة الأميركية والدولار الأميركي.
نهاية نظام بريتون وودز
مثل نظام بريتون وودز أول نظام نقدي تم التفاوض عليه بشكل رسمي لتنظيم العلاقات النقدية بين الدول المستقلة. وقد ألزم هذا النظام الدول بضمان تحويل عملاتها لدولارات أميركية مقابل نسبة 1 بالمائة من معدلات التكافؤ الثابتة مع تحويل الدولار إلى سبائك ذهبية للحكومات الأجنبية والبنوك المركزية بسعر 35 دولارا أميركيا للأونصة من الذهب الخالص. أيضا، وضع هذا النظام تصورا لتعاون أكبر بين الدول بهدف منع انخفاض القيمة التنافسية بالمستقبل، كما أنشأ صندوق النقد الدولي لمتابعة أسعار الصرف وإقراض نسب من العملات الإحتياطية للدول التي تعاني من عجز بميزان المدفوعات.
بحلول منتصف أغسطس 1971، أنهت الولايات المتحدة الأميركية قابلية تحويل الدولارات الأميركية إلى الذهب واضعة بذلك حدا لنظام بريتون وودز. إلى ذلك، تم التصديق بشكل رسمي على نهاية نظام بريتون وودز سنة 1976 عقب توقيع اتفاقيات جامايكا. وقد سمحت هذه الإتفاقيات الجديدة حينها بتغير سعر الذهب مقابل الدولار والعملات الأخرى ضمن مجموعة من القيود المتفق عليها.
تعليقات الزوار | اضف تعليق