يتابع نشطاء "السوشيال ميديا"، منذ عدة سنوات، فيديوهات منتشرة للقاضي الأمريكي من أصل إيطالي، فرانسيسكو كابريو، المعروف باسم فرانك كابريو، إذ يجذب القاضي الاهتمام في جميع أنحاء العالم بتفاعلاته الإنسانية المتعاطفة والعميقة داخل وخارج قاعة المحكمة، حيث حققت فيديوهات محاكماته انتشاراً مهولاً، وتُرجمت إلى عدة لغات حول العالم، من بينها اللغة العربية.
نشأ القاضي فرانك كابريو (85 عاماً) في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند الأميركية من أصول متواضعة، وترتيبه الثاني بين ثلاثة إخوة مع والدته فيلومينا، والأب أنطونيو، الذي كان يعمل بائعاً متجولاً للفواكه والحليب. وقبل أن يصبح كابريو قاضياً بفترة طويلة، كان يلمع الأحذية، ويقوم بتوزيع الصحف، كما عمل مع والده في شاحنة موزعاً وبائعاً للحليب، سائراً على خطى والديه في العمل الجاد لتحسين حياته، ورسخت هذه التربية فيه قدرة غير عادية على رؤية العالم من منظور مختلف، ليرسخها فرانك، في ما بعد، مكرساً حياته لخدمة الآخرين.
إصرار على تحقيق الحلم
التحق فرانك كابريو بمدرسة بروفيدنس العامة، وتخرج في المدرسة الثانوية المركزية عام 1954، وذهب للدراسة في كلية بروفيدنس لمدة أربع سنوات أخرى، ولأنه لايزال يريد أن يصبح محامياً، قرر حضور فصول دراسية ليلية، للحصول على شهادة في القانون، أثناء عمله كمدرس خلال النهار.
وقام كابريو بتدريس التاريخ في المدرسة الثانوية، لتوفير نفقاته أثناء التحاقه بكلية الحقوق في جامعة سوفولك ببوسطن، وبعد التدريب على الممارسة القانونية، أصبح قاضيًا غير متفرغ في المحكمة البلدية عام 1985، حيث نظر في معظمها بمسائل غير جنائية.
وظائف متنوعة
عمل القاضي كابريو في العديد من الوظائف الفردية، للوصول إلى أهدافه الأكاديمية والمهنية، حيث خدم في الحرس الوطني لجيش رود آيلاند، لما يقرب من عقد من الزمان، بدءاً من عام 1954. وبعد تخرجه في كلية الحقوق، أصبح جزءاً من مجلس مدينة بروفيدنس، كما شغل عدة مناصب في الإدارة السياسية لمجتمع رود آيلاند، ومن هناك بدأ العمل كقاضٍ لبلدية بروفيدنس عام 1985.
انتشار حول العالم
تمكن فرانك كابريو من التغلب على عقبات البدايات الصغيرة، ليصبح واحداً من أكثر القضاة احتراماً في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل إصداره الحنون والعادل للأحكام في قاعة المحكمة، وبعد بضع سنوات بدأ شقيقه جو في تصوير إجراءات جلسات المحاكمات.
لكن شهرة كابريو انطلقت بعد ظهور مقاطع أقصر على "فيسبوك" عام 2016، نشرتها شركة "جو" للإنتاج، وهي شركة وسائط اجتماعية في بروفيدنس، ويقول "العم جو" كما هو معروف لمتابعيه على الإنترنت، إن شقيقه القاضي فرانك كابريو هو نفسه خلف الكاميرا، كما يظهر للعالم على الشاشة.
نهج القاضي
وأثنى الناس، من جميع أنحاء العالم، على مقاطع الفيديو حول نهج القاضي الحنون ونظام المحاكم الأميركي، وهو أمر يذكره كابريو بكل فخر، موضحاً: "ربما أضيف القليل من الفهم لنظام حكومة الولايات المتحدة وكيف يعمل، وأننا شعب محترم محب للسلام". ويعتقد القاضي، أيضاً، أن سبب شهرته هو أن الناس فقدوا الثقة بالحكومة، واعتادوا المؤسسات التي تتعامل بالشدة دون مراعاة الظروف الشخصية، وكشف أنه تعلم تعاطفه من والده، وهو مهاجر من إيطاليا وبائع فواكه متجول، كان يدفع فواتير الحليب للعملاء الذين تخلفوا عن السداد، على الرغم من أن عائلته تعيش في شقة ذات مياه باردة، مع القليل من الموارد الخاصة بهم.
تعامل القاضي الأمريكي الشهير بإنسانيته مع امرأة سورية لا تتحدث الإنجليزية
سر التعاطف
وعن سر تعاطفه اللافت، قال القاضي فرانك كابريو ذات يوم: "أعتقد أنني يجب أن آخذ بعين الاعتبار ما إذا كان شخص ما مريضاً، وما إذا كانت والدته قد ماتت، وما إذا كان لديه أطفال يتضورون جوعاً، أنا لا أرتدي شارة تحت ردائي، أنا أرتدي قلباً تحت ردائي". وأشار كابريو، أيضاً، إلى أنه لا يحاول تغيير العالم، لكنه يحاول فقط القيام بدوره، قائلاً: "في النهاية أنا أفعل فقط ما علمني والدي أن أفعله، إنني أتبع نصيحته، وكان لها صدى في العالم".
فرانك كابريو الآن
يشغل فرانك كابريو، الآن، منصب رئيس قضاة البلدية في مدينة بروفيدنس، بعدما كان الرئيس السابق لمجلس محافظي رود آيلاند، ويقوم التلفزيون ببث عمله القضائي، ويمتلك مطعماً في رود آيلاند، وفي حين لم يكشف كابريو عن راتبه من القضاء، لكن تبلغ القيمة الصافية المقدرة لثروته 13 مليون دولار، اعتباراً من عام 2021، وهذا يشمل: أصوله، وأمواله، ودخله.
مصدر دخله الأساسي هو عمله كقاضٍ، لكن من خلال مصادر دخل أخرى مختلفة، تمكن فرانك من جمع ثروة جيدة، الذي كشف أيضاً أن كابريو يقيم في عقار يمتلكه بشارع فينتون في بروفيدنس، إضافة لامتلاكه مسكناً بملايين الدولارات في مدينة ناراغانسيت، بولاية رود آيلاند. ووفقاً لإقرارات ذمته المالية، يمتلك كابريو عقارين في فلوريدا: أحدهما في ميامي، والآخر في ويست بالم بيتش، كما أنه مُدرج في بروفيدنس كمستأجر مشترك في شارع جونز، ومالك الكثير من العقارات في شارع أدي Adie.
مساهماته الخيرية
في كلية الحقوق بجامعة سوفولك، أسس كابريو صندوقاً للمنح الدراسية، مخصصاً لطلاب رود آيلاند، الذين يركزون على تحسين الوصول إلى الإدارات القانونية في أحياء مركز رود آيلاند الحضري، كما قدم منحًا في كلية بروفيدنس، وكلية الحقوق بجامعة سوفولك، وخريجي المدرسة الثانوية المركزية. ارتبط كابريو، أيضاً، ببلدة بويز بإيطاليا، ومحكمة نيكرسون هاوس للأحداث، وبنك رود آيلاند للطعام. وفي عام 1983 كان الرئيس المشارك لمؤسسة رود آيلاند لجمع الأصول، لإعادة بناء تمثال الحرية، وجزيرة إليس.
حياة موازية
للقاضي فرانك كابريو حياة أخرى موازية للعمل في القضاء، حيث يمارس بعض أعمال المحاماة والقانون، ويمتلك مطعماً على ساحل المحيط، ويحافظ على حياة اجتماعية نشطة كمسؤول عن عائلة كبيرة، بالإضافة لعلاقات اجتماعية مع طبقات عديدة من المجتمع، حيث أقامت زوجة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، السابقة مارلا مابلز، في ضيافة كابريو مع أصدقاء مشتركين ذات يوم.
وبالإضافة لصداقاته مع مسؤولين بارزين في مجالات السياسة والفن والإعلام، كان أحد أبنائه الخمسة المرشح الديمقراطي لحاكم رود آيلاند عام 2010. هكذا تعامل القاضي الأميركي الشهير بإنسانيته مع امرأة سورية، لا تتحدث اللغة الإنجليزية، لمخالفتها تجاوز سرعة.
تعليقات الزوار | اضف تعليق