أحيا ملتقى "سميح القاسم للثقافة والفنون" و"بيت الصحافة" في مدينة غزة، الذكرى الثالثة عشرة لرحيل الشاعر محمود درويش. ووصف وزير الثقافة عاطف أبو سيف الراحل درويش بأنه "أحد الأسماء العالية التي أسست للفعل الثقافي الوطني، وساهمت في إثراء الوعي الوطني والقومي بالقضية الفلسطينية من خلال أعماله الشعرية".
وقال إن "قصيدة درويش هي رسالة شاملة بما تحمله من مضامين ثورية وكفاحية وإنسانية رسخت أهمية القضية الفلسطينية على المستوى العالمي، عبر ما حققته أعماله من تراجم إلى معظم اللغات الأجنبية، وقال إن "هذا هو دور المثقف الوطني في سبيل قضية أمته وحرية شعبه".
وحدك.. محمود درويش
لمحة عن حياته
محمود درويش يُعد أيقونة الشعر الفلسطيني والعربي واحد رموز الثقافة الفلسطينية الذي كان له دور مهم في مسيرة الكفاح ضد الاحتلال.. ولد شاعر الثورة الفلسطينية محمود درويش، عام 1941 في قرية البروة قرب ساحل عكا في فلسطين، ثم انتقل مع عائلته إلى لبنان بعد نكبة عام 48، لكن ذلك الطفل الفلسطيني لم يطق وعائلته حياة اللجوء، فعادت الأسرة خِفية إلى فلسطين، بعد سنتين، ليجدوا قريتهم محتلة وباتت غريبة عنهم حتى إن الشوارع أصبحت بأسماء عبرية.
لاحقًا، حط الشاعر الفلسطيني الرحال في قرية دير الأسد مع أسرته كلاجئين، وهناك عانت العائلة للحصول على بطاقات إقامةٍ باعتبارهم غير شرعيين، رغم أنَ هم على أرضهم، وفي بلادهم، وعندما أصبح درويش يافعًا تعرض للاعتقال مرات عديدة، بحجة القيام بنشاطات معادية للاحتلال الإسرائيلي، وبسبب آرائه السياسية ودفاعه عن بلده وموطنه وأرضه.
محمود درويش يقرأ من "أحمد العربي" في مسرح محمد الخامس بالرباط، المغرب
محطات سفر
تنق ل بين عواصم عربية وأوروبية عديدة خلال حياته، وكل محطةٍ تركت بصمتها على شخصه، وعلى شِعره، وكانت موسكو محطة درويش الأولى، حيث سافر إليها بغرض الدراسة، ثم تنقل بعدها بين محطات عديدة، أهمها القاهرة، وبيروت، وتونس، وباريس، قبل أن يعود ليعيش أواخر حياته في العاصمة الأردنية عمان، ومدينة رام الله الفلسطينية، وكانت القاهرة من العواصم المحببة لقلب دروش، الذي وجد نفسه فيها بين عمالقة الأدب والشعر العربي..
أما بيروت، فكانت نقطة تحول في حياة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، فمع انتقاله إلى هناك، اندلعت الحرب الأهلية، وكانت الكراهية والقسوة والدم عنوان تلك المرحلة، حصدت الحرب أرواحَ بعض المقربين من محمود درويش مثل غسان كنفاني، وكان من الطبيعي أن تصبغ تلك المرحلة شعر درويش بصبغة جديدة، تحول معها الشاعر الفلسطيني، من شعر العاشق الرومانسي إلى شعر الرثاء والأوطان.
بعدها غادر درويش لبنان، وانتهى به المطاف في تونس، ليغادرها بعد حين إلى باريس، "حافظي على نفسك يا تونس، سنلتقي غدًا، على أرض أختك فلسطين، هل نسينا شيئا وراءنا، نعم، نسينا، تلفت القلب، وتركنا فيكِ خير ما فينا، تركنا فيكِ شهداءنا الذين نوصيكِ بهم خيرًا"
الحنين إلى الأرض
في أحد لقاءاته القديمة، يقول درويش إن َ باريس شك لت ولادته الشعرية الحقيقية، حيث كان يرى في جمال باريس، فرصة للتأمل والنظر إلى العالم، والأشياء عن بعد. لمحمود درويش أكثر من 31 ديوان شعر، وأكثر ما يميز شعره الوطنية، وفي الوقت نفسه الرومانسية والحنين الدائم إلى الأرض، ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث، وكانت له طقوس خاصة في كتابة الشعر، فكان يرتدي أجمل ثيابه، كما لو أنه ذاهب في موعدٍ رسمي، ويجلس خلف الطاولة ليكتب الشعر.
أما عن تفاصيل حياته الخاصة، فقد عُرف عن محمود درويش ارتباطه بالقهوة، إذ كان يصنعها بنفسه لضيوفه، ويتفنن في ذلك، أما تسلية درويش فكانت لعبة طاولة الزهر، التي كانت تحوله إلى طفلٍ صغير، حسب أصدقائه، فكان يصرخ أحيانًا، ويغتاظ أحيانًا أخرى عند اللعب.
رحيل شاعر الثورة
في النهاية لم يعد قلب محمود درويش المثقل بأوجاع الاحتلال يحتمل الصمود، وأصبح قنبلة موقوتة، قد تنفجر بأي لحظة نتيجة توسع في أحد شرايينه، توفي الشاعر الفلسطيني في الولايات المتحدة الأمريكية في 9 أغسطس عام 2008 بعد خضوعه لعملية قلب مفتوح، وقد وارى جثمانه الثرى في مدينة رام الله.. محمود درويش تحت الأرض لكن كلماته لا تزال فوقها، كلمات لن تموت، إذ سيبقى صداها يتردد عبر الأجيال.
تعليقات الزوار | اضف تعليق