لا أعرف مكانا في العالم يسمي الحملات الانتخابية بـ "المعارك" الا في بلادنا العربية، ولا ندري بعد خمس سنوات فما من شك اننا "سنرتقي" بوعينا ومفاهيمنا وعقلياتنا ومبادئنا وقيمنا الى ما دون العائلية والحمائلية والطائفية والحزبية والفئوية والحاراتية، عندها قد نجد لها اسما جديدا للمعركة الانتخابية وقد تصبح "ملحمة انتخابية"! والأخطر من ذلك هو اننا نتصرف على مستوى الحدث او على مستوى التسمية.
الحملات الانتخابية
معارك في بلادنا العربية
نتسابق الى التوقيع على "مواثيق الشرف" في حضرة الوجهاء، ويجتمع المرشحون بثوب الحملان ويفرشون حملتهم الانتخابية بالزهور، بينما تصرخ الصحراء بداخلهم، وما ان يغادروا تلك المجالس حتى يتحولوا الى ذئاب، لا يخططون الا للسطوة والمواجهة اذا ما لوحظت اية تحركات غير مرضية من طرف أنصار مرشح منافس.
يسمونها "معركة" ويريدونها منافسة حضارية هادئة ونظيفة!! وكلمة معركة مشتقة من "العراك"، وهل هناك عراك حضاري ثقافي منفتح بدون استخدام الايدي؟! ما من شك انني لا أتهم فقط الرؤساء والمرشحين وكل من دخل "المعترك" الانتخابي بالمسؤولية عن تأجيج وتوتير وتسخين الأجواء في المدن والقرى والبلدات العربية، وانما اتهم أولا وقبل كل شيء وسائل الاعلام التي تبحث عن الاثارة في الترويج لنفسها بأنها ستقوم باجراء تغطية شاملة "للمعارك" الانتخابية في مع التشديد على البلدات التي تكون فيها المعارك ساخنة.
أردت من خلال كلماتي هذه فقط ان الفت انتباه المرشحين والمتنافسين في الانتخابات، وقبلهم وسائل الاعلام، الى العمل على محاولة الامتناع قدر الامكان عن استخدام مصطلح "معركة انتخابية" واستبداله بـ "حملة انتخابية" لأن في المصطلح "معركة" تهويش وتشجيع على العنف، حرصا على ان نبقى شعبا واحدا وامة واحدة قبل، وبعد الانتخابات.. فلم يعد الجهل قائدنا بل العقل هو قائدنا وأنا سأصوت له.