ان ما يعيشه العالم العربي منذ خمس سنوات لا يمكن وصفه بعبارات مثل "ازمة" ولا "اوضاع صعبة" ولا "حالة نزاع" ولا حتى "حالة حرب"! ان ما تعيشه الامة العربية هو كارثة انسانية هي مجاعة ومآسي هي حالة بؤس ويأس احباط وتشرد ولجوء وضياع وفقدان. ان ما يحل في سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن وغزة والضفة الغربية وحتى لبنان تصلح تسميته بكارثة العصر الحديث.
لقد عرف التاريخ البشري كوارث من قبل ويخصص كل شعب مناسبة لاحياء ذكرى الكارثة التي حلت به كاليابانيين والأرمن واليهود في المانيا النازية وغيرها الكثير، لكن الفرق بين كوارث الماضي وكارثة العصر الحديث هو في قيمة الانسان التي تنعدم كليا عندما يكون الضحايا عربا، فالصورة التي تهز مشاعر وضمير العالم وتزعزع اركان البشرية لا تهز جناح ذبابة في العالم العربي! لست هنا في صدد تشخيص الاسباب التي جعلت من العربي انسان بلا قيمة ولن ندخل في ما فعلته وما زالت الأنظمة بشعوبها، وان أول رصاصة أطلقت على هذه الشعوب كانت من أنظمتها.
نصفها يموت ويهلك ونصفها يرقص ويدبك
ولكن دعونا نحاول ان نناقش معا مسألة ربما تترك الألم والحسرة في الضمير الانساني. عندما نرى ان اسرائيل لمن لا يعرف تمنع كل مظاهر الفرح والموسيقى وتغلق الملاهي ومحلات السهر في ذكرى ما تسميه "الكارثة والبطولة".. مقابل شعوبنا العربية التي لا تزال تعيش الكارثة والمآسي الانسانية ولكنها في الوقت نفسه لا تتوقف عن عرض برامج المواهب والرقص والترفيه وكأنها في غمرة السعادة والاستقرار والهدوء. أليس من العار على امة ان يكون نصفها في جحيم والنصف الآخر في نعيم؟ أليس من المخجل ان نكون امة نصفها يموت ويهلك ونصفها يرقص ويدبك؟! وهذا كل ما اردت ان أقوله!!